يرجع إنشاء الإتحادات العمالية لأول مره في التاريخ المدون إلى عام 1165 قبل الميلاد أثناء حدوث ما يسمى بالإعتصام العمالي المفتوح والذي حدث من قبل عمال المعبد الجنائزي “الرامسيوم”، في عهد ال رمسيس الثالث ثاني ملوك الأسرة ال20 والذي حكم مصر في الفترة بين عامي 1187-1156 قبل الميلاد 

تحكي قصة هذا الإضراب والذي سمي بإضراب عمال “دير المدينة” وثيقة حكومية مدونة على ورقة بردي طولها 91 سنتيمتراً محفوظة بمتحف تورين شمال إيطاليا

“دير المدينة” هي قرية صغيرة تقع على مسافة 2 كيلومتر من  ضفاف النيل في منطقة تيبان قرب تل  “جدران الشهوان” على الجانب الغربي من النيل “الأقصر حالياً”، حيث تم إكتشافها عن طريق الفرنسيين والتشكيين في الفترة ما بين 1941 و 1951 ميلادياً 

وإحتوت  القرية على 70 منزلاً تأوي 120 عاملاً بأسرهم، و وفقاً لظروف العمل بالمقبرة “التي تقع حالياً في منطقة وادي الملوك”  والتي كانت تحتم على العمال العمل لعدد ثمانية أيام من أصل عشرة ايام والتي هي عدد أيام الإسبوع آن ذاك، ولبعد المسافة وفقد كان على العاملين البقاء في المقبرة تاركين خلفهم أسرهم القاطنين بالقرية، ولا تتم مغادرة المقبرة إلا ايام العطلات الرسمية أو بقرار مباشر من الحاكم

وطبقاً لما ذكره المؤرخين وبعض المصادر الثانوية، وفقد ساد الفساد الإداري في الدولة من سوء معاملة العمال والبذخ في الصرف على بناء المعابد التعبدية والجنائزية على حساب حصص العاملين وأجورهم حتى أنه في صيف السنة ال29 لحكم رمسيس الثالث للبلاد سنة 1165 قبل الميلاد تأخرت الأجور لمده تقارب الثلاثة شهور ما قوبل بالغضب الشديد من قبل المجتمع الفقير من عمال القرية حيث كانت حصصهم هي اساس معيشتهم،  من ثم توقف العمال عن العمل وأعلنوا الإضراب السلمي المفتوح إلى حين تعالج الحكومة مشكلاتهم وتظاهروا خارج جدران المعبد لتسليط الضوء على معاناتهم من الحكم الجبري لرمسيس الثالث 

واصل العمال إعتصامهم خلف الجدار الجنوبي لمعبد الرامسيوم لثلاثة ايام مطالبين بإيصال مطالبهم من صرف الأجور المتأخرة ومحاربة الفساد الذي تفشى بين رؤساءهم إلى الفرعون مباشرة أو إلى وزيره “تو” ، وفوض العمال رئيس الشرطة آن ذاك “نب سمن” بعرض مطالبهم والتفاوض عليها، إلا أنه لم يستطع سوى إيجاد حل وسط وهو صرف نصف أجر من المتأخر 

وقد زاد هذا الوضع من آثار فساد الإداريين في هذا الوقت بتخفيض حصص الحبوب بكميات كبيرة، تاركين العاملين بالبلده للهلاك. كتب الكاتب “نفرحتب” حول حكم ال25 سنه لرمسيس الثالث: “طن ونصف من الحبوب تم اخذهم مننا، نحن نموت، نحن لا نستطيع العيش” ـ

ووفقاً لتفسير مصدر المصريات لدي “جون رومر” بالأدله و النقوش: ” لقد افلسنا، كل مخزوننا من الخزينه و الحبوب تم استنفاذه” ، تم أخد طن ونصف من حقنا في الحبوب، أجل لنا وسيله للبقاء على قيد الحياة، نحن نموت، نحن لا نعيش على الإطلاق” هذا المقطع يدعم النقوش القديمة وحدد أهمية هذه القضيه وكيف تؤثر على معيشه الشعب، كما أظهر هذا الوضع عيوب ما قيل عنه أنه مجتمع مثالي، كاشفاً عن التشابه بينه وبين العيوب الموجودة في مجتمعنا الحالي

بقلم: دينا مرعي 

ترجمة: رنا بلال