مركزية إدارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية هي إحدى مشكلات العمل في مصر بحيث أننا نجد المنظومة في مُجملها خاضعةٌ لمجموعةٍ من القوانين التي تحكم العاملين فيها منها، ومنها على سبيل المثال الإحتكارية والتمويل الإعلاني الذي يقرر كيف سيكون إتجاههنا وإن لم يكن هذا العامل متوفراً بقوة لكن شكل الإعلام غَّير ما هوعليه في مصر، ولا نغفل دوره وأهميته لكنه أيضاً له دورٌ سلبيٌ كبير
أبرز نتائج تلك الرأسمالية الفكرية هو مركزية الإدارة في العاصمة وعليه فإن جميع الوسائل المتاحة والممكنة وأماكن العمل تنحصر في مدينة واحدة فقط، وهذا عائقٌ كبير فالبعض لا يستطيع أن يسافر والبعض الأخر يتحايل على الظروف كى يحقق ما يريد حتى وإن وجدت وسائل إعلام محلية محاولة إستحقاق الإحترام، فإن القليل منها ما هومؤثر ويحتاج لسنوات كثيرة حتى يستطيع أن يتخذ مكاناً حقيقياً في محافظته، ولكن بنهاية الأمر وسائل الإعلام المعروفة هي من لها نصيب الأسد كما يقولون، ومقارنةً بالواقع العملي بين الإحتكار وعدم الرغبة فى تغيير المسار العام، أيضاً بجانب صعوبة المناخ العام الذي نعيشه حالياً يجعلنا نستمر فى المركزية المُدمرة والتي تؤثر في كل القطاعات وليس القطاع الإعلامي فحسب
ما يدعوني كثيراً للدهشة هو مرور سنواتٍ عديدة على شكل الإعلام في مصر ومن المفترض أن يتسع الإعلام بمفهومه الشامل ويتخطى كل حدود المكان والزمان كي يصل برسالته الحقيقية والمنشودة، فكيف حتى الأن لم يتمركز فى المحافظات الرئيسية نوعٌ من الإعلام المتميز والمؤثر الذي يتيح أيضاً لنا كشبابٍ عاملين فى هذا المجال المشاركة وتحقيق ما نريده لإعلامنا، ما السر وراء هذا التقصير؟ حتى وان وجدت أقسام تابعة لبعض من وسائل الإعلام فى محافظة ما لكنها لا تشكل شكلاً رئيسياً بالنسبة للجمهور منها
على سبيل المثال محافظة الإسكندرية ثاني أكبر مدينة سياحية على مستوى الجمهورية وعاصمتها الثانية ومنبرٌ ثقافيٌ كبيراٌ ومجتمعٌ ذو طبيعةٍ متميزةٍ في كل مجالاته الإجتماعية والثقافية وحتى الأن لم تدخل في نطاق الإستقلالية على الرغم أنها الأكثر تأثيرً محلياً، نظراً أيضاً لطبيعتها الجغرافية والسكانية ولكن لا يعلم أحد السبب وراء ذلك. أيضاً إذا نظرنا إلى محافظات الصعيد فسنرى العديد والعديد من المحاولات الجيدة التي تعمل على إثبات وجودها ما بين المقروء والمسموع ولكن تفتقد تلك المؤسسات المنافسة والدعم الكامل والمتعدد الجوانب، وغيرها كثيرٌ من النماذج
الأمر ليس قابلاً للحل فى وقت قصير بل يحتاج إلى تغيير فكرى ورغبة جادة في التطوير والإصرار على التغيير بشكل أو بأخر وإتاحة الفرصة والتمكين دون تمييزٍ، وتعديل السياسات المسيطرة على كل شئ حتى نستطيع الخروج من تلك الدائرة المغلقة
بقلم: نهى هنو
تصوير: مصطفى حليم
مراجعة: مازن قباري