بقلم: صالح السويحى

تحرير و نشر: ماريهام مجدى

كثيراً ما نستمع إلى القادة و المدراء يتحدثون بكل حماس و شغف عن ضرورة و حتمية تطوير ثقافة المنظومة، وأن عالم الأعمال من حولنا يتطور بشكل سريع ولافت، وأنه إذا ما أردنا أن نتفوق و نزدهر أو على الأقل أن نتماشى مع هذا التطور، فعلينا جميعاً أن نعمل معاً من أجل أن نطور و نرتقي بثقافة منظومتنا. 

و لكن وبعد أن نستمع إلى هذه الخطب الحماسية، يتبادر إلى أذهاننا سؤال مُلِح و مهم: هل الجميع على نفس درجة الوعي بما يعنيه هذا المفهوم؟

وإذا افترضنا جدلاً أن الإجابة بنعم، حينها يتبادر إلى ذهننا سؤال آخر: هل نحن كأعضاء في المنظومة لدينا القدرة على تطوير هذه الثقافة؟

سوف نحاول معاً أن نتعرف بشكل بسيط و عملي على هذا المفهوم، و أهميته، و على دورنا العملي في تطوير ثقافة المنظومة.

فعلى الرغم من تعدد التعريفات لمفهوم “ثقافة المنظومة”، و التي فاقت ثلاثمائة تعريف ! لا تندهشوا… فذلك بالطبع يعود إلى اختلاف الخلفيات و الخبرات العملية للمهتمين و الباحثين في هذا المجال، ولكن دعونا نستخدم كلمات بسيطة و متفق عليها تساعدنا في التعرف على هذا المفهوم، فثقافة المنظومة هي مجموعة من القيم و الافتراضات والمعتقدات و التوقعات للمنظومة، والتي من المفترض أن يؤمن بها جميع أعضاء المنظومة و أن تنعكس على سلوكياتهم و أدائهم. 

ومن الوارد بل ومن الطبيعي أيضًا أن تختلف هذه الثقافة من منظومة إلى أخرى، و ذلك يعود إلى عدة عوامل يأتي على رأسها: طبيعة العمل أي طبيعة نشاط المنظومة، المستخدمون وخاصة العملاء، أساليب القيادة و الإدارة، و بالطبع الاستراتيجيات المتبعة في المنظومة. 

ولذلك فعلى قادة المنظومة أن يكون لديهم وعي كبير بالواقع العملي للمنظومة، وأن يكون لديهم رؤية واضحة و موحدة و خلًاقة، تدعم و تساعد بقوة في خلق بيئة عمل إيجابية ومحفزة على الإبداع و الابتكار و المبادرة بكل ما هو جديد، و أن يتم التواصل بهذه الرؤية بشكل فعَال، و ذلك إذا أرادوا أن تكون ثقافة المنظومة متماسكة و متسقة، وأن تصبح مفتاحاً رئيسياً للأداء المبدع و المتميز. 

و على المدراء التنفيذين أن يضعوا الاستراتيجيات و أن يجدوا الآليات لربط هذه القيم و الافتراضات و التوقعات بأهداف العمل والسلوك الوظيفي و الأداء، وأن يحرصوا على تمكين موظفيهم من خلال توجيههم و تحفيزهم و تدريبهم و إشراكهم في صنع القرارات وتوسيع مسئولياتهم بشكل تدريجي يتناسب مع صلاحياتهم، و الاستماع إلى مقترحاتهم و آرائهم في أداء المنظومة بل و أخذها في عين الاعتبار، و احترام الاختلافات بين الموظفين بل و استثمارها و الاستفادة منها لصالح المنظومة، وأن يبذل المدراء الجهد الوافر في دعم وتشجيع ثقافة العمل الجماعي وترسيخ مفهوم الأمان الوظيفي، و ذلك إذا أرادوا أن تصبح ثقافة المنظومة المكون الأقوى للإنتاجية و التقدم. 

و على الموظفين أن يخلصوا في أداء مهامهم بكفاءة، و أن يحرصوا على الالتزام بمعايير الجودة والأداء المتميز، فالكم وحده لا يكفي، ولكن الكم و الكيف معاً، وأن يتذكروا دائماً أن مصلحة العمل تأتي أولاً، وأن بيئة العمل ليست مسرحاً للخلافات و الصراعات الشخصية، وأنهم لا يمثلون أنفسهم فقط بل هم كالمرآة التي تعكس سمعة المنظومة. 

جهد كبير و عمل شاق لا يستطيع أي أحد أن يقوم به منفرداً، بل يحتاج إلى تضافر المجهودات و تعاون الجميع من أجل إنجاحه و جني ثماره.