بعد تلك السنوات الطويله و التجارب المريره و ربما السعيدة، و اللحظات التى مررت بها لم اكن اتصور ان اقف فى لحظه لافهم واحدة من اهم دروس حياتى. عندما كنت اسير وسط زحام، اسير مندمجاً فى افكارى بخطوات ثابته و سريعه كعادتى.
و اذا بى ازيد من سرعة خطواتى بدون مبرر. الا ان اجتازنى ذلك الشاب الرياضى الذى مر بجانبى كسيارات السباق. تسارع احداهما الاخرى لم اتحكم فى خطواتى لابلغ مداه و احجتاز خطاه.
لحظه لم تمر على مرور الكرام. فوقفت للحظه لاسال نفسى ما اصبها لتتوقف عن هذا السباق.
ادركت وقتها كيف تتحكم فينا عقولنا و بواطنا، ادركت ما لم تخبرنى به كتب الفلسفة و الفزياء.
ادركت حينها كيف نعيش فى سباق دائم.
تلك اللحظه التى حاولت فيها اجتياز غيرى. غير مبالى بقدراتى.
عالمنا اليوم فى سباق يكاد يتخلص كلا منا من الاخر ليفوز فى هذا السباق غير الشريف. الذى لا تحكمه مبادئ و لا قوانين مرور.
و منذ اللحظه الاولى التى وعى فيها ابن ادم انه فى سباق. و حاول اجتياز اخاه ليفوز عليه. و ما ادرك انه فاز الا عندما خسر.
نولد بغرائز الطفوله و بادواتها الصغيرة و براءه الاطفال. التى ما تكاد تدوم .حتى نجد انفسنا فى سباقنا الاول فى لفت الانتباه دون من حولنا, محاولات لحيازه اللعبه. نتسابق على الصفوف الاماميه لنكون فى المقدمة نتسارع على كميه المعلومات التى نتباها بها. و المزيد من الدرجات و الالقاب، فالاول حينها الاكبر وزناً.
الاول هو الفائز بالعدد الاكبر من الاصدقاء ربما صاحب المظهر الملفت للانتباه، و ربما من يملك اللعِب بالكلمات.
يفوز كلاً منا فيما يسابق من اجله حتى و لو على رفات الاخرين.
فسباق فى العمل و حجم الانجاز، محاولات تخطى الاخرين و الوصل للمقدمة و الصداره، ليقال و قد قيل..
حتى تنافس اللاعبين فى سباق الجرى ربما كان حياديا و تحكمه قوانين اللعبه، و حدود ارض السباق.
الا انه فائز واحد يحاول الوصول قبل الاخرين. يحاول تخطى حاجز الزمن ليصل وحده ليكن هو الفائز.
و لهذا قامت حروب و هدمت صوامع، ما بين امماً هلكت و حضارات اندثرت.
قف تلك اللحظه لتراجع مسارك. لتنظر لذاتك دون الاخرين. لتنفرد بنفسك و تضعها على الطريق لتسابقها فى الخيرات.