من كام يوم صحيت الصبح على صوت مراتي ولقيت إبني سخن ويتقيئ بشدة. مكناش عارفين نعمل إيه، التقيئ مش بيتوقف، والولد مش عارف ياخد نفسه. المشكلة إن كان لازم ألبس وأنزل أروح الشغل ولكن مش عارف أسيبهم، مراتى “محتاسة” بالولد، طيب والشغل؟! مينفعش مروحش، عندى ثلاث عمليات، منهم عمليتين كبار مع رئيس القسم وهناك إثنين من أطباء أجازة. يعنى المستشفى فيها عجز رهيب وأكيد لو مروحتش ممكن تحصل مصيبة.

فكرت وبصيت لمنظر إبني وهو تعبان، وزوجتي وهي بتدور حوالين نفسها مع إنها دكتورة. خدت قراري وبعت إيميل لرئيس القسم وكبير الأطباء مكتوب فيه أربع كلمات بالعدد: “آسف، لن أستطيع الحضور اليوم” وقعدت طول اليوم افتح الإيميل كل خمس دقائق، أحط الكمادات على رأس إبنى بإيد، وبالإيد التانية ماسك الموبايل مستني مكالمة تليفون، مستنى حد يقولي تعالى، أو يزعقلي ويقولي الشغل والمستشفى والعيانين. 

لغاية الساعة 4 العصر محدش كلمني ولا بعتلي إيميل، ساعتها بس نزلت الموبايل من إيدي. تاني يوم روحت الصبح على العمليات، منتظر أسئلة وتحقيقات. دخلت على مشرفة العمليات، لقيتها بتسأل هل “هيرر بسيم” جاي النهاردة؟ لم تكن ملاحظة إني واقف وراها. رديت وقولتلها أنا موجود، وطبعاً منتظر تتخانق معايا، ولكن بالعكس، إطمئنت عليا وإن مفيش مصيبة كبيرة، ولما سألتها الأمور مشيت إزاي، قالتلى متشغلش بالك، كل حاجة تمام، مع إنها ست ألمانية شديدة. 

دخلنا على رئيس القسم، أول حاجة قولتلوا “أنا آسف”، الراجل إستغرب ومكنش فاهم أنا أتأسف على إيه، ومجبش سيرة أى حاجة خالص، حتى محسسنيش إن كان عندهم مشكلة، بالعكس أخد الموضوع هزار وكملنا اليوم عادى بدون أى تأنيب. 

 محدش كان راضي يبلغني مين إشتغل مكاني. يومها دخلت على “السيستم” عشان أعرف وفوجئت إن إللي إشتغل مكاني في عملية منهم هو كبير الأطباء، راجل عنده ٥٥ سنة، مع إن يومها كان عنده برضه عيادة بعدها. ففهمت إنك من حقك إنك يحصلك ظروف وتعتذر عن الشغل، ودور الإدارة إنها تدور على البديل، حتى لو إضطرت إنها تلغي الشغل. والطبيعى إن الدكتور الكبير يشيل شغل الصغير في أي وقت، لأنه موظف في المكان. في ألمانيا هما بيحافظوا على بعض بالقانون والنظام. إللى حصل ده كمان أشعرني قد إيه أنا كنت مذنب في حق أطباء كتير أصغر مني. بصراحة أنا آسف لكل طبيب أصغر مني لم أكن أراعي ظروفه بحجة الشغل أو إحتياج العمل/ أنا فعلاً آسف. ويا ريت تدعوا لإبني بالشفاء. 

بقلم الدكتور: أحمد بسيم

مراجعة: مازن أحمد قباري